كتاب حياة الخضر عليه السلام عرض ودراسة
لمؤلفه السيد هاشم فياض الحسيني
أ:حسن الشيخ عبد الأمير الظالمي/ باحث ومحرر في مجلة الانتظار
قضية الخضر عليه السلام من القضايا التي لم تُسلَّط عليها الأضواء بشكل كافٍ مع تأكّد حقيقة وجوده عند الفرق الإسلامية، وقد وردت روايات متفرقة عن حياته في تفسير سورة الكهف، أو في بعض الروايات في بطون الكتب هنا وهناك.
وتكتسب أهمية البحث عن الخضر عليه السلام من كونها قضية تتصل بوجود الإمام المهدي عجل الله فرجه في مسألة طول العمر، وما تؤكده الروايات من أن الخضر سيخرج مع الإمام ويكون وزيراً له، وهذا ما تطرق اليه الباحث في كتابه موضوع البحث.
اولاً: لقد بدأ المؤلف كتابه بمقدمة عرض فيها الأسئلة الملحّة عن شخصية الخضر عليه السلام وهي أسئلة مشروعة، ومنها:
أ ـ هل أن شخصية الخضر حقيقة ام خيال؟
ب ـ هل أنه نبيّ أم لا؟
ج ـ هل هو على قيد الحياة الآن؟ وما هو سبب بقائه إن كان حياً؟
د ـ ما هو سبب احتجابه عن الانظار؟ وهل أنّه سيظهر مع الإمام المهدي عجل الله فرجه.
ثانياً: أورد في الفصل الأول اسم الخضر ولقبه وكنيته، وخلص إلى القول بأنه: بليا أو تاليا بن ملكان بن فالغ بن عابر (شالخ ـ خ ـ) بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام ـ وأورد اسمه عند أهل الكتاب وأنه من أولاد إبراهيم الخليل عليه السلام أو أنه من أسباط هارون بن عمران عليه السلام.
ثم تطرق إلى كيفية ولادته فقال: كان الخضر من أبناء الملوك، فآمن بالله تعالى وانفرد لعبادته، وليس لأبيه ولد غيره، فأراد أبوه أن يزوجه كي يُرزق ولداً يخلفه في الملك، فخطب له امرأة، فلم يلتفت الخضر إليها وامتنع عنها، فغضب عليه أبوه وردم باب حجرته، وبعد ثلاثة أيام اشتاق إليه وأراد رؤيته فلم يجده، وقد شرب من الماء الذي من شرب منه بقى إلى الصيحة.
وذكر المؤلف أن الخضر عليه السلام كان معاصراً لذي القرنين ـ الرجل الصالح ـ وكان وزيره ومستشاره في جميع أموره، ثم روى القصة التي جمعت الخضر وذا القرنين للبحث عن عين الحياة.
ثالثاً: تطرّق المؤلف إلى قصة موسى والخضر في القرآن الكريم الواردة في سورة الكهف (٦٠ -٨٢) وقال بأن سبب نزولها هو أن اليهود قالوا للمشركين: سلوا محمداً عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم؟ وسلوه عن رجل طوّاف بلغ مشارق الأرض ومغاربها وما كان نبأه؟.
فجاؤا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسألوه، وبعد فترة نزلت سورة الكهف تحكي قصتهم وما سألوا عنه.
رابعاً: ثم أورد سبب لقاء موسى بالخضر عليه السلام وخلص إلى القول: وذلك لجواب موسى حين سأله أحدهم عن وجود من هو أعلم منه وجوابه بالنفي، فأمره الله أن يذهب الى مجمع البحرين فهناك من هو أعلم منه، بعد ذلك بدأ بتفسير آيات القصة كما نزلت في القرآن، وتبعه بحث روائي عن شخصيات القصة وهم كل من موسى وفتاه والخضر، ثم عرّج على بعض الأمكنة والشخوص والمصطلحات فشرحها.
خامساً: مواضيع تستفاد من القصة:
أ ـ أن الخضر ليس أعلم من موسى بجميع ما يؤديه عن الله تعالى إلى عباده، وإنّما خُصّ الخضر بعلم ما لا يتعلق بالأداء وهو علم بواطن الأمور وما لم يطلع عليه غيره.
ب ـ في آية (نسيا حوتهما) لا يراد به أن موسى ويوشع (فتاه) نسيا حوتهما، بل الذي نساه هو يوشع الوصي بقرينة (إنّي نسيت الحوت).
سادساً: ما ترشد إليه القصة:
أ ـ دلت على التواضع فلا يكون موضع النبوةمانعاً من السعي للانفتاح على علم جديد.
ب ـ استحباب الرحلة في طلب العلم واغتنام لقاء العلماء والفضلاء.
جـ ـ ينبغي أن تسود بين العالم والمتعلم روح المثابرة والجدية بعيداً عن المجاملة.
د ـ ينبغي أن يتقبل المؤمنون بالصبر والتسليم ما يلقى اليهم من أحكام الله تعالى.
هـ ـ دلت على أن هناك أموراً ظاهرها العذاب وباطنها الرحمة.
و ـ حب الخير وكره الشر للكل.
ز ـ أن النسيان غير مؤاخذ به الانسان
سابعاً: ثم تطرق إلى الأدلة على نبوة الخضر عليه السلام وأنه من أنبياء بني إسرائيل، والأدلة هي:
أ ـ من القرآن الكريم: وهي
١ـ (وآتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنّا علماً).
٢ـ (هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً).
٣ـ (وما فعلته عن أمري).
ب ـ من الروايات:
١ـ عن الإمام الصادق عليه السلام (إن الخضر كان نبياً مرسلا).
٢ـ عن ابن عباس: (الخضر نبي من أنبياء بني إسرائيل).
جـ ـ الاجماع لدى علماء وائمة الفرق الاسلامية:
١ـ القرطبي: إن الخضر على جميع الاقوال نبي معمر.
٢ـ ابن الجوزي: الكثير من المفسرين يذهب إلى أنه كان نبياً.
٣ـ الألوسي: الجمهور على أنه نبي.
٤ـ النيسابوري: الأكثرون على أن ذلك العبد كان نبياً.
٥ـ الشوكاني: وقد ذهب الجمهور إلى أن الخضر كان نبياً.
ثامناً: وجود الخضر وحياته إلى الآن:
وقد بدأ الفصل بطرح هذا السؤال: هل أن الخضر لا زال على قيد الحياة أم أنه مات منذ زمن؟
وأجاب على ذلك بالأجوبة الآتية:
١ـ علماء الامامية قاطبة وأكثر أهل السنة وجميع مشايخ الصوفية يقولون ببقائه حياً إلى الآن.
٢ـ بعض علماء السنة: كالبخاري وابي بكر المالكي وابن تيمية، يرون أنه قد مات.
٣ـ الصوفية جميعاً: يرون أنه حي لحد الآن.
ثم أورد الأدلة على حياة الخضر وبقائه حيّا لحد الآن:
أ ـ عن السنة المطهرة:
١ـ عن الرضا عليه السلام: إن الخضر شرب من ماء الحياة فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور.
٢ـ ابن عساكر في تاريخه وابن حجر في الاصابة، عن عبد الله بن نافع: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان في المسجد فسمع كلاماً من ورائه يدعو فكلمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحينما سئل عنه، قال: إنه الخضر.
٣ـ روى ابن حجر في الاصابة عن علي عليه السلام: انه لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءته التعزية، فسئل ممن فقال هذا الخضر.
٤ـ قال العسقلاني: ما صح عن ابن عباس: الخضر ابن آدم لصلبه، ونسيء له في أجله حتى يكذّب الدجال.
ب ـ الاجماع: أجمع علماء الشيعة الامامية وأكثر علماء السنة وجميع الصوفية على أن الخضر عليه السلام موجود وهو حي يرزق ثم أورد أحاديث عن كل من: الطوسي، النووي، أبو مخنف، القرطبي، إبن كثير، الزبيدي، إبن العربي.
ثم أورد المؤلف وقائع لمكالمات للخضر عليه السلام مع أهل البيت كما روتها أصدق المصادر:
أ ـ مع الإمام علي عليه السلام: السلام عليكم يا رابع الخلفاء. مكالمته مع الإمام وهو يخطب بصفين.
ب ـ سؤاله للإمام الباقر عليه السلام عن ثلاث مسائل.
جـ ـ كلماته عند استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام: رحمك الله يا أبا الحسن.
د ـ نعيه للحسين عليه السلام ببيتين من الشعر: إصبروا آل الرسول بـ...
عاشراً: الخضر والمهدي المنتظر عجل الله فرجه:
بعد مقدمة بسيطة عن الإمام المهدي، تطرق المؤلف إلى ظاهرة طول العمر عند بعض الأنبياء والمرسلين كعيسى وإلياس والخضر، ومن الأولياء: أصحاب الكهف، وقد نص القرآن على بقاء عيسى (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) بل رفعه الله اليه، وقد دلت روايات الفريقين على أنه سوف ينزل في آخر الزمان ويقتل الدجال ويصلي خلف الإمام المهدي عجل الله فرجه ثم يسأل المؤلف: كيف نصدق ببقاء المأموم ولا نصدق ببقاء الإمام؟.
أما ظهور الخضر مع المهدي عجل الله فرجه فقد دلّت الأخبار والروايات على أن الخضر سوف يخرج مع الإمام المهدي عجل الله فرجه ويكون وزيراً له.
وقد استدل بعض علماء السنة على وجود الإمام المهدي عجل الله فرجه وعدم استحالة بقائه بوجود عيسى والخضر وإلياس عليه السلام من قبله بزمن طويل وهم الآن على قيد الحياة بقدرته تعالى:
١ـ قال الكنجي الشافعي (في البيان) لاامتناع في بقاء الإمام المهدي بدليل بقاء عيسى وإلياس والخضر من أولياء الله تعالى، وبقاء إبليس عدوّ الله، وهؤلاء ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنة، وقد اتفقوا عليه وانكروا جواز بقاء المهدي عجل الله فرجه ؟ ص١٠٢.
٢ـ إبن طلحة في مطالب السؤول (ولا يستغرب تعمير بعض عباد الله المخلصين ولا امتداد عمره إلى حين، فقد مدّ الله أعمارَ جَمْعٍ كثير من خلقه من أصفيائه وأوليائه فمن الأصفياء عيسى، ومنهم الخضر، وخلق آخرون، فأي مانع يمنع من امتداد عمر الصالح الخلف الناصح) ج٢ ص ٧٨.
ثم عرّج المؤلف على مقامات الخـضـر الشـاخـصـة فـي
وأما إلياس فقد دلت الاحاديث الشريفة الصحيحة من طرق إخواننا السنة على أنه رزق طول العمر كالخضر، وإنه حي يرزق ولم يمت لحد الآن.
الأمصار الإسلامية التي يرتادها المسلمون للصلاة كمقامه عليه السلام في بيت المقدس، ومسجد الكوفة، والسهلة، وفي بغداد، والسماوة، والاسكندرية، والراشدية، وفي مصر، والشام، وإيران وغيرها.
ثم أورد قصصا ونوادر متعلقة بالخضر دليلاً على وجوده وحياته.
وخلاصة البحث أن الامامية بكاملهم، وجمعاً من أهل السنة والصوفية جميعا يؤمنون ببقاء النبي الخضر عليه السلام حياً بقدرة الله تعالى وهو أطول عمراً بكثير من الإمام المهدي عجل الله فرجه. وإذا جاز للبعض إنكار وجود الإمام وطول عمره فليس له الحق في إنكار قدرة الله تعالى.
وجاء الكتاب في ٢٠٨ صفحة بالحجم الرقعي صادراً عن دار الكتاب الإسلامي في إيران.