العناصر المشتركة لأدعياء السفارة والمهدوية
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
مقدمة لا بد منها:
إن اللقاء بمولانا الإمام المهدي عليه السلام لهو شرف كبير لمن يتشرف به، واللقاء ممكن وليس مستحيلا، ولكن هناك ادعاءات لقاء مبنية إما على التخيلات أو الكذب ولا يمكن إثباتها، بينما توظف هذه الادعاءات لإنتاج قيادات تقود الناس والأفكار ضد التشيع نفسه بدون شعور منهم، فهي قيادات لا تقدم حلاً، بل تقدم مشكلة لنفسها ولغيرها، وتنسبها للإمام، وبالتتبع للأفكار والأفعال وجد إن هذه الأفكار والممارسات تتوافق وتتفق مع توجهات وإرادات وأفكار أعداء أهل البيت عليهم السلام، مما يوجب علينا تفهم هذه الحركات وتفهم خطورتها على نفس هؤلاء البسطاء الذين يعتقدون بها، وعلى مجمل مذهب أهل البيت عليهم السلام، حيث إن أدعياء المهدوية أو السفارة بدؤوا يصوغون أفكارا خارجة عن الإسلام وعن المذهب الشيعي بدعوى أنها تعاليم الإمام عليه السلام بما ينافي أبسط قواعد الفقه والعقيدة الإسلامية التي صرّح بها الأئمة الطاهرون عليهم السلام.
إن علماءنا قديماً وحديثاً سعَوا جاهدين في بيان زيف وبطلان دعوى السفارة والمهدوية. قال السيد الخوئي قدس سره: (التكذيب راجع إلى من يدعي النيابة عنه عليه السلام نيابة خاصة في الغيبة الكبرى، ولا يكون راجعا إلى من يدّعي الرؤيا بدون دعوى شيء).
أما من يدّعي انه الإمام نفسه فهذا لم يجسر عليه أحد من الشيعة إلا من ثبت جنونه طبيا، ولكنه واقع ومتكرر في عالم غير العالم الشيعي، فكم من مهدي عندهم يدعي انه هو المهدي المنتظر، وقد بدأ هذا في وقت مبكر في الإسلام فمن مهدوية الكيسانية إلى مهدوية العباسيين إلى مهدوية صاحب الزنج وهلم جرا لمهدويات عجيبة غريبة وكلها قد كشف الله زيفها ودجلها وهي لا زالت مستمرة في الزراعة والتفريخ، فما أن انتهت مهدوية السوداني حتى ظهرت لنا مهدوية الجهيمان وما انتهت مهدوية الجهيمان حتى ظهرت لنا مهدوية القاعدة حيث يدعي بعضهم إن الإمام المهدي عندهم الآن وقد ظهر، وله موقع على الانترنت فيه ما يضحك الثكلى وينسيها ثكلها لكثرة الأخطاء والأكاذيب المفضوحة، وأما في العالم الشيعي فلم يجرؤ أحد حتى أفسق الفسقة، لأنهم يعلمون بأن التشيّع محصن ضد مثل هذا الادعاء، وان الإمام بنفسه أشار إلى وجوب اختبار الإمام حين يخرج بالنسبة لعامة الشعب . فهذه ورطة كبيرة بالنسبة لهم، ولكن في حكم صدام وأثناء تسلطه استطاع بناء مهدويات من قبل ممثلين وشخصيات هامشية على أساس فكري مناقض للشيعة، ليكون هذا الاتجاه غطاءً لحربه ضد التشيع بادعاء إن كل واحد من هؤلاء هو المهدي المنتظر، لخلط الأوراق وتشويش أفكار البسطاء من شيعتنا، وفي بعض الحالات باعتبار وجود حالة تناقض بين هذه الدعوى لهدم التشيع وبين مبادئ الفكر الشيعي، فقد استعاروا أفكارا مناقضة للتشيع لتصح دعوى المهدوية التي لا يمكن تصنيعها وفق المذهب الشيعي، كما فعل الممثل (قاضي السماء).
حيث استعار المذهب الوهابي لأطروحته، ليكون مهدياً منتظراً مرسلا لقتل الشيعة ومراجعهم العظام وتدمير مجتمعاتهم وفق مفاهيم وهابية. كما رسمت له من قبل الزمرة المعادية لأهل بيت النبوة عليهم السلام. ولكنه يدعي للبسطاء من الشيعة أنه شيعي للأعماق ليضع غشاوة على أعينهم تمنعهم من التمييز بين الحق والباطل وبين ما يصح وما لا يصح.
وللتنبيه فإن العناصر المشتركة بين أدعياء السفارة والمهدوية هي:
١ ـ يكون المدعي للسفارة أو المهدوية هو مصدر العلم بالسفارة أو المهدوية ولا دليل آخر عليه، وهذا لا يمكن أن يصح، لأن هذه الدعوى تتضمن بعدا دينيا ذا طابع تكليفي، فكيف يصح توقف الدليل على المدعي نفسه، على أن دعواه نفسه مبنية على ادعاء الرؤيا أو الكشف، وهذا ليس حجة له فضلا عن غيره. مما يعني وجود خلل واضح في إثبات المدعى فيحتاج إلى حيل وطرق إقناع ملتوية لا علاقة لها بأصل الدعوى، كما حدث واقعا، حيث أن جماعة من المصدّقين ببعض أدعياء السفارة إنما صدقوه لأنه أخبرهم بأن الإمام سيبعث لهم بركة، فجاءهم عدة مرات من يطرق الباب على نسائهم ويعطيهنّ طحينا أو كبشا ويقول لهنّ: هذا من بركة الإمام. فيثبت عندهم المطلوب، وهذا عين الدجل حيث الاستغفال التام، لأن الدليل ليس متعلقا بالدعوى نفسها، ولا يثبتها بل يثبت عكسها تماما لو تأملوا قليلا.
٢ ـ ترك الفروض الشرعية والدعوة للإباحية كما يفعل صوفية أهل السنة بقولهم إن من وصل للحقيقة سقطت عنه التكاليف، وقد يصل بعضهم لدعاوى أكبر من ذلك.
٣ ـ الوفرة المالية و توزيع الأموال فور ادعاء السفارة أو المهدوية، وهذه ظاهرة مهمة ويجب أن تدرس. فإن كل هؤلاء الأدعياء يعلنون عن قدراتهم الهائلة في اختلاق المال ببركة الإمام!! وتوزيع الأموال بشكل جنوني، وبعضهم يعمد إلى جر أبناء الأغنياء لشبكته ليجعلهم درعا حين يشكك الناس في مصادره المالية لينسب المال للأغنياء أنهم من ساعده، بينما في الحقيقة هو من يمد أبناء الأغنياء بالمال، خلافا لرأي ومعرفة أهلهم. وهذا موقف مشترك ويحتاج إلى توقف وتفكير في هذه الحركة وأهدافها ومن أين تستمد وتعتمد على روافدها المالية.
٤ ـ استخدام أسلوب التوريط المالي أو الأخلاقي لمن يقع بيدهم من أولاد الأغنياء وذوي الوجاهة العشائرية والاجتماعية ليتقيدوا بما يريدون مستغلين خوفهم من الفضائح ليتحولوا إلى بوق متحمس يختلق الكرامات والمعاجز التي لا واقع لها من أجل عدم كشف الحقائق التي تسقطهم أمام عشائرهم وإخوانهم وأصدقائهم.
٥ ـ الانتقال الفوري إلى الحركة الدموية المسلحةومحاولة اغتيال كل مخالف لهم أو كاشف لعدم صحة دعواهم. وذلك بعد أن يتكون عنده جماعة تفوق العشرة أشخاص بقليل أو كثير في المنطقة التي يدعو فيها لنفسه ثم ينقلب إلى التخويف والعنف، فكل من يطالبهم بالدليل أو يناقشهم نقاشا محرجا يقولون عنه انه عدو الإمام عليه السلام، و يجب قتله على الطريقة الحزبية المخابراتية التي عرفها الناس، التي ملخصها إن إحراج الحزبي يعني دفعه للتفكير بقتل المحرِج (شخصيا أو معنويا).
٦ ـ مداراة أعداء أهل البيت والدفاع حين ينتقدُ أمامهم الوهابية بأشخاصهم وأفعالهم، وهذا ملموس منهم بشكل واضح، مدعين بأن نظرية وحدة الوجود لا تسمح بهذا التفريق مع هؤلاء فقولهم كله من الله وواحد وانه لا يتنافى مع الحق، بينما نظرية وحدة الوجود تسمح بالدعوة لقتل رجال الدين الشيعة باعتبارهم أعداءهم!!!! ولا يوجد في هذه الوحدة أي مجال للتسامح مع رجال الدين الشيعة، وهنا يتبين أين تسير هذه الحركات ومع من هي؟ ومن يمولها؟ ويزودها بالأفكار الساقطة؟
٧ ـ عرض الإمام المهدي عليه السلام كرجل دموي إرهابي وليس قائد حركة إصلاحية ليعم السلام والأمن العالم كله. بل هو رجل الفوضى الأمنية عندهم والقتل على الشبهة. وتحريف مفهوم انتقام الإمام من أعداء التشيع ومن قتلة الشيعة إلى كونه قاتلا لكل إنسان وسيقتل بلا ضوابط قانونية أو دينية، وهذا تحريف لقضية مهمة جدا وهي إن الإمام عليه السلام سيدافع عن المؤمنين حين يتصدى له أهل الضلال وأرباب الحكم وسوف يبيدهم بالمعاجز الربانية وغيرها،ولم يرد أنه سيقاتل العالم أبدا إنما ستقع حروب محلية مع المجرمين المعروفين في ذبح أهل البيت عليه السلام على مدى القرون، بينما النص صريح بأن الإمام سيملك جميع الأرض من دون ذكر لأي حروب عدا ما يحدث في الجزيرة والعراق والقدس. فكل ما يروج بين أتباعهم من دموية الإمام لا صحة له، وإنما هي موظّفة تماما لقتل علماء الشيعة كوظيفة استثنائية من قبل الممولين (أعداء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم).
٨ ـ تتركز دعوتهم العدوانية بادعاء أن مهمة الإمام هي قتل علماء الشيعة وقياداتهم المتدينة في مذهب أهل البيت عليهم السلام.
٩ ـ التلاعب بالنصوص من أجل إقامة براهين على صحة دعواهم بدون أي ضوابط لعلم الدلالة أو للظهور من النصوص ومعالجتها العلمية حسب قواعد اللغة العربية.
١٠ ـ إخفاء كل النصوص التي تحتوي على المعايير الصحيحة للظهور، والتهرب من أي بحث فيها، أو تطبيق هذه المعايير على حركاتهم، وقد وصل ببعضهم الغضب والتهديد أو الاغتيال لمجرد طلب تطبيق المعايير وطلب إقامة الأدلة. وبالنسبة للأتباع السائلين بلطف فإن أسلوبهم معهم في التعليم هو نفس الأسلوب الكنسي بمنحهم أنصاف إجابات بل أرباعها بشكل غامض، ولكنه مغلف بطابع من التقديس وادعاء حرمة تجاوز الخط الأحمر، لتكون الإجابة عبارة عن تدمير السؤال مهما كان معقولا ومطلوبا عقلا وشرعا. مثلا لو سأل أحدهم عن فحوى قول الإمام عليه السلام في التوقيع المحتج به شرعا وعلاقته بتكذيب دعوى المشاهدة والسفارة :
فسيقول لك: إن الإمام يعرف الكذابين ولهذا حذرنا منهم بينما هو يدعو لمناصرة النور الذي بين أيدينا بحمد الله وهو نوره فمن أنكره فهو عدو للإمام والعياذ بالله .. وهكذا نجد أشباه أجوبة لا علاقة لها بالموضوع. تبعد سامعها عن التفكير في نفس السؤال مع إن السؤال وجيه، والجواب ليس بجواب على الموضوع مطلقا. بينما نجد أن علماءنا قد أوضحوا كل المحتملات في فهم النصوص، وليس فيها احتمال واحد يخدم دعوى مدعي السفارة.
١١ ـ ظاهرة السرية المستديمة رغم ادعائهم الظهور، وهذا يناقض أهم معيار وهو إذا حصل الظهور فلا يقوم بوجه الإمام عليه السلام شيء ولا سرية في دعوته عند ذاك.
١٢ ـ القفز على الدين وادعاء المرجعية من خلال درس بضع سنوات، وربما لم يدرس إطلاقا، مدعيا العلم اللدني وإصدار الفتاوى والتصدي لقيادة المجتمع باسم المرجعية الجديدة، مع أن بعض الفتاوى لا يقول بها مسلم، وما تلك إلا لدعوى التأسيس لدين جديد تحريفا لمقولة تصحيح الدين الذي يقوم به الإمام عليه السلام وتحويل هذه المقولة إلى نسخ الشريعة وقلبها بخلاف الفطرة والدين الصحيح.