الإمام الحجة عليه السلام يدلّ على قبر الحمزة العلوي
قال العلامة النوري رض، نقلاً عن السيد محمد ابن السيد مهدي القزويني المذكور: وحدّثني الوالد أعلى الله مقامه قال: لازمت الخروج الى الجزيرة مدّة مديدة لأجل إرشاد عشائر بني زبيد إلى مذهب الحقّ، وكانوا كلّهم على رأي أهل التسنّن، وببركة هداية الوالد رض وارشاده رجعوا إلى مذهب الإمامية كما هم عليه الآن، وهم عدد كثير يزيدون على عشرة آلاف نفس، وكان في الجزيرة مزار معروف بقبر الحمزة بن الكاظم يزوره الناس ويذكرون له كرامات كثيرة، وحوله قرية تحتوي على مائة دار تقريباً.
قال رض: فكنت استطرق الجزيرة وأمرّ عليه ولا أزوره لما صحّ عندي أنّ الحمزة بن الكاظم مقبور في الرّي مع عبد العظيم الحسني، فخرجت مرة على عادتي ونزلت ضيفاً عند أهل تلك القرية، فتوقّعوا مني أن ازور المرقد المذكور فأبيت وقلت لهم: لا أزور من لا أعرف، وكان المزار المذكور قلّت رغبة الناس فيه لإعراضي عنه، ثمّ ركبت من عندهم وبتّ تلك الليلة في قرية المزيدية عند بعض ساداتها، فلمّا كان وقت السحر جلست لنافلة الليل وتهيّأت للصـلاة، فلمّا صلّيت النافلة بقيت ارتقب طلوع الفجر، وأنا على هيئة التعقيب، إذ دخل عليّ سيّد اعرفه بالصلاح والتقوى، من سادة تلك القرية، فسلّم وجلس.ثمّ قال: يا مولانا بالأمس تضيّفت أهل قرية الحمزة وما زرته؟ قلت: نعم. قال: ولم ذلك؟ قلت: لأنّي لا أزور من لا أعرف، والحمزة بن الكاظم مدفون بالرّي، فقال: رُبّ مشهور لا أصل له، ليس هذا قبر الحمزة بن موسى الكاظم وإن اشتهر أنّه كذلك، بل هو قبر أبي يعلى حمزة بن القاسم العلوي العباسي أحد علماء الاجازة وأهل الحديث، وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم، واثنوا عليه بالعلم والورع.
فقلت في نفسي: هذا السيّد من عوام السادة، وليس من أهل الاطلاع على الرجال والحديث، فلعلّه أخذ هذا الكلام عن بعض العلماء، ثمّ قمت لأرتقب طلوع الفجر، فقام ذلك السيد وخرج وأُغفلت أن أسأله عمّن أخذ هذا لأنّ الفجر قد طلع، وتشاغلت بالصلاة، فلمّا صلّيت جلست للتعقيب حتّى طلعت الشمس، وكان معي جملة من كتب الرجال فنظرت فيها وإذا الحال كما ذكر، فجاءني أهل القرية مسلّمين عليّ وفي جملتهم ذلك السيد، فقلت: جئتني قبل الفجر وأخبرتني عن قبر الحمزة أنّه أبو يعلى حمزة بن القاسم العلوي، فمن أين لك هذا وعمّن أخذته؟ فقال: واللهِ ما جئتك قبل الفجر ولا رأيتك قبل هذه الساعة، ولقد كنت ليلة امس بائتاً خارج القرية _ في مكان سمّاه _ وسمعنا بقدومك فجئنا في هذا اليوم زائرين لك.
فقلت لأهل القرية: الآن ألزمني الرجوع إلى زيارة الحمزة فإنّي لا أشكّ في أنّ الشخص الذي رأيته هو صاحب الأم عليه السلام. قال: فركبت أنا وجميع أهل تلك القرية لزيارته، ومن ذلك الوقت ظهر هذا المزار ظهوراً تامّاً على وجهٍ صار بحيث تُشدّ الرحال إليه من الأماكن البعيدة.