المقاتلان العظيمان
يا علي أنا قاتلت على التنزيل وأنت تقاتلُ على التأويل..
كانت هذه هي الكلمات التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً في قتاله من أجل الإبقاء على القرآن كما أنزل دون أن تغيّره أهواء المتشدقين ودواعي المتربصين بكتاب الله.. ففي زمن علي صار القرآن عرضةً لآراء أولئك وأهواء هؤلاء وبين الآراء والأهواء مُحِقَ الدين ومُسخت شريعة سيد المرسلين.. كان عليٌ مصلحاً بقدر ما كان مظلوماً.. وكان علي مقاتلا بقدر ما كان مسالماً، يسالمُ متى ما سلمت فيه أمور الدين، ومقاتلاً متى ما وجد للقتال مندوحة الاصلاح واحياء ما أماتته سنوات التأويل العجاف التي كادت أن تودي بالقرآن ليكون غير هذا القرآن، وبالدين ليُصادر إلى حيث أرادته سياسة القائمين.. هذا هو علي في منهاجه مصلحاً وهكذا هو وريثه الآتي من غياهب الزمن المتمادي الطويل ليقوم بما قام به جده أمير المؤمنين عليه السلام ، فالإمام المهدي سيقاتل على تأويل القرآن وسيصلح ما سيّسته رؤى المتخندقين في زوايا التفسير ليقدّموا القرآن محرّفاً على سبعة أوجه، ومصادَراً على سبعين وجه، إن ثورة الإمام المهدي عليه السلام هي ثورة إصلاح كما كانت حروب جده علي من قبل، وسيعيد تلك الكرّات التي عُرف بها جده أمير المؤمنين عليه السلام لتعادَ هزائم الباطل كما كانت.
إن ثورة الإمام المهدي عليه السلام ستكون على خلفيات ما يخلّفه الخطاب الديني غير المسؤول، فتعدد الخطاب الديني ينطلقُ من حتمية التعددية في الاتجاهات القارئة لمفهوم الدين عندها ستُقرر توجهات تؤسس على خلفية الفهم المحدود، من هنا يجد الإمام المهدي عليه السلام حتمية الثورة وضرورة التغيير باتجاه الإبقاء على صيغ الخطاب الديني الذي بعثه جده صلى الله عليه وآله وسلم، وليُبقي على المفهوم الحقيقي نستذكرُ معاً ما بذله علي الممتحن وعلي القائد وعلي الإمام من أجل الرجوع إلى حقيقة التنزيل ومستبعداً في إصلاحه تجاوزات التأويل.. وهكذا هي ثورة حفيده الإمام متصدياً لتجاوزات التأويل ومبقياً على حقيقة التنزيل.. فنعم السيدان المقاتلان وبوركت ثورتا التنزيل لتمحق تماديات التأويل..
رئيس التحرير
السيد محمد علي الحلو