الإفتتاحية
ولي في ابنة رسول الله أسوة
لا تزال قضية فاطمة تشكّل منعطفاً بارزاً في مسارالوضع الإسلامي بُعيد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهي القضية التي رسمت ملامح الانقلاب على الأعقاب الذي حذّر منه القرآن الكريم(أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) وهي محنة الواقع الإسلامي الذي أفرز معه جدليات الصراع منذ ذلك الحين ليشكّل مساراً ايدلوجياً للرسالة.. للفهم.. للذات.. ثم للفشل والنجاح على كل المستويات. إذن فمحنة فاطمة هي حصيلة الصراع بين الرسالات السماوية ومعارضيها.. وبين الجهد النبوي ومناوئيه، وهكذا تتخذ هذه المحنة فلسفة الصراع الأبدي بين الخير والشر، بين الحق والباطل..
ولم تكد قراءة المعصومين عليهم السلام لهذا الحدث تتعدى هذه القراءة وإن كانت في نضجها وحقيقتها تفوق كل الاعتبارات إلا أنها لم تخرج عن فلسفة الصراع الذي صاغته هذه المقالة الرائعة المنسوبة للإمام المهدي عليه السلام حيث لخّص محنته بمحنة أمه فاطمة، وقرّض مسيرته بجهادها المبارك يوم وقفت لتدافع عن الإمامة وتقرر شرعيتها بخطبتها المشهورة.. ولم يكن الإمام المهدي عليه السلام يبتعد عن قراءة التاريخ في مقولته هذه، بل قدّم تحليلاً وافياً لمسيرته الجهادية في الربط بين قضيته وقضية أمه فاطمة، فالملاك بين المسيرتين واحد يقتضي الجمع بينهما بمصطلح(المحنة) التي خاضها أباؤه الطاهرون لتمتد إلى أعماق الحدث وأغوار القضية.
نعم كانت محنة فاطمة ترجمة لكل صراعات الماضي وأطروحة لصراعات الحاضر، ودالة لصراعات الآتي من الأحداث. إلا أن المثير في مقولته عليه السلام أن فاطمة هي الأسوة وهي العزاء، وهي دالة جهاد المعصومين فإليكِ أيتها الصديقة عزاء أبناءكِ من أهل العراق حين تطالهم نهب الأهواء ومطامع الحاقدين ليقولوا(ولنا في فاطمة أسوة) لأنهم أبناؤكِ أيتها المظلومة.
رئيس التحرير