تحت راية الحق
الباحث: السيد هادي عيسى الحكيم
أخبرنا القرآن الكريم بأن الصالحين هم الذين سيرثون الأرض فقال تعالى (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَْرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)، الأنبياء/١٠٥.
في هذا النص القرآني تنبئ الآية بتحقيق هذه الوعود فتغني عن غيرها من السنة والأخبار، على أن الأخبار والأحاديث كثيرة وصريحة، فقد أشارت إلى أن المحقق لهذا الوعد القرآني هو رجل من بيت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. ويسمى المهدي الذي يصلي خلفه المسيح عليه السلام وهو من أولاد أمير المؤمنين علي عليه السلام ومن نسل فاطمة الزهراء عليها السلام وهو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
قالت أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (المهدي من عترتي من ولد فاطمة)، وقد اجتمع على هذا الحديث الخلف والسلف من هذه الأمة على اختلاف مذاهبها، نعم قد اختلفوا في تشخيص المهدي وفي انه مولود أم انه سيولد، والذي عليه الإمامية كافة انه هو الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام وانه ولد ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين، وأمه أم ولد يقال لها نرجس، وكان سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها يحيى صبيا، وقد اعترف بذلك ابن حجر حيث ذكره عليه السلام في آخر الفصل الثالث من صواعقه، وقد جعل الله هذا الغلام اماماً في حال الطفولة الظاهرة، كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيا، وقد سيق النص عليه في ملة الإسلام من نبي الهدى جده عليه وآله الصلاة والسلام، ثم من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ونص عليه الأئمة كلهم واحداً بعد واحد إلى أبيه الحسن، ونص أبوه عليه عند ثقاته وخاصة شيعته، وكان الخبر بغيبته ثابتاً قبل وجوده الشريف، وكان سلف الشيعة على عهد الإمامين الباقرين الصادقين والكاظمين الجوادين والتقيين النقيين يعلمون بأن المهدي إنما هو الوصي التاسع من ذرية الحسين عليه السلام وانه سيغيب غيبة طويلة يمتحن الله بها عباده المؤمنين، وكانوا يعلمون بأن له غيبتين صغرى وكبرى، ولهم على ذلك النصوص المتواترة عن أئمة العترة الطاهرة، وزادهم بواسطة سفرائه الأربعة الهداة أهل الورع والزهد، ووافقنا في هذه المسألة جماعة كثيرون من أهل السنة وحسبنا الأربعون من أعاظم أعلامهم الذين ذكرهم شيخنا المتتبع البحاثة المولى النوري في كتابه كشف الأستار وهم:
١ ـ محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي النصيبي الشافعي في كتابه مطالب السؤول.
٢ ـ محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي في كتابه البيان.
٣ ـ الشيخ نور الدين علي بن محمد ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة.
٤ ـ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قرغلي الحنفي سبط ابن الجوزي في آخر كتابه تذكرة الخواص.
٥ ـ الشيخ محي الدين بن عربي الطائي الأندلسي في كتابه الفتوحات.
٦ ـ الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه اليواقيت.
٧ ـ الشيخ حسن العراقي ذكره الشعراني في كتابه لواقح الأنوار في طبقات الأخيار.
٨ ـ الشيخ علي الخواجة البرسي.
٩ ـ نور الدين عبد الرحمن الدشتي الحنفي شارح كفاية ابن الحاجب في كتابه شواهد النبوة.
١٠ ـ الحافظ محمد بن محمد المعروف بخواجة بارسا من أعيان الحنفية في كتابه فصل الخطاب في المحاضرات.
١١ ـ الحافظ ابو الفتح محمد بن ابي الفوارس في أربعينه.
١٢ ـ الشيخ عبد الحق الدهلوي المحدث الفقيه في رسالته مناقب الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.
١٣ ـ السيد جمال الدين فضل الله الشيرازي في كتابه روضة الأحباب.
١٤ ـ الحافظ أحمد بن ابراهيم الطوسي البلاذري المعاصر للإمام ابي محمد الحسن العسكري روى عن الإمام المهدي أيام غيبته الصغرى كما في كتاب المسلسلات المشهور بالفضل المبين.
١٥ ـ حجة الإسلام عبد الله بن احمد الخشاب في كتابه تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم.
١٦ ـ شهاب الدين بن عمر الهندي في كتابه هداية السعداء.
١٧ ـ العلامة المحدث الشيخ المتقي بن حسام الدين في كتابيه المرقاة في شرح المشكاة والبرهان في علامات مهدي آخر الزمان.
١٨ ـ العلامة الفضل بن روزبهان شارح شمائل الترمذي في كتابه إبطال الباطل رداً على نهج الحق للعلامة الحلي.
١٩ ـ الشيخ سليمان بن خواجة القندوزي في كتابه ينابيع المودة.
٢٠ ـ شيخ الإسلام أحمد الجامي.
٢١ ـ صلاح الدين الهندي في شرح الدائرة.
٢٢ ـ الشيخ عبد الرحمن البسطامي في كتابه درة المعارف.
٢٣ ـ المولوي علي أكبر بن أسد الله الهندي في كتابه المكاشفات.
٢٤ ـ عبد الرحمن شيخ مشائخ الصوفية في كتابه الانتباه.
٢٥ ـ القطب عبد الرحمن الصوفي في كتابه مرآة الأسرار.
٢٦ ـ القاضي جواد الساباطي في كتابه البراهين الساباطية.
٢٧ ـ الشيخ سعد الدين المؤيد المعروف بالشيخ سعد الدين الحموي في كتابه الذي أفرده لأحوال المهدي عليه السلام.
٢٨ ـ الشيخ عامر بن عامر البصري في قصيدته التائية الطويلة المسماة بذات الأنوار.
٢٩ ـ صدر الدين القونوي في قصيدته الرائية المذكورة في ينابيع المودة.
٣٠ ـ شيخ مشائخ الصوفية جلال الدين الرومي كما يدل عليه بعض أشعاره الفارسية الموجودة في ديوانه.
٣١ ـ الشيخ محمد الشهير بالشيخ عطار في كتابه مظهر الصفات.
٣٢ ـ شمس الدين التبريزي.
٣٣ ـ السيد نعمة الله الولي.
٣٤ ـ السيد النسيبي.
٣٥ ـ السيد علي بن شهاب الدين الهمداني في كتابه الموسوم بالمودة في القربى.
٣٦ ـ الشيخ محمد الصبان في كتابه اسعاف الراغبين.
٣٧ ـ عبد الله بن محمد المطيري المدني في كتابه الرياض الزاهرة.
٣٨ ـ شيخ الإسلام أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي في كتابه الموسوم بصحاح الأخبار.
٣٩ ـ الناصر لدين الله احد خلفاء بني العباس.
٤٠ ـ بعض المصريين من مشائخ الشيخ ابراهيم القادري الحلبي.
هذه الكتب لهؤلاء المحققين من علماء أهل السنة الذين خضعوا للحقيقة وأذعنوا للواقع الذي أملاه عليهم كثرة الأحاديث المتواترة والصحيحة فأوردوها كما هي أو أكدوا عليها بأحاديثهم وتعليقاتهم، وهو ردع لكل المشككين والمنكرين لحقيقة الإمام وهويته.
ولا نعدم من يأتي في زماننا هذا من يدعي ان المهدي هو المسيح ابن مريم، أو أنه ظهر منذ فترة وهو النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما ادعاه الكاتب المصري أحمد السقا وهو يدعي أنه من المحققين والباحثين، ولا يدري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي يبشر بظهور الإمام ويعد أمته بخروجه ونشر العدل في زمانه وبسط دين الله في العالم أجمع، وهذا أكبر دليل على أنه المهدي المنتظر الذي يعتقد الشيعة بإمامته وينتظرون ظهوره المقدس.