سعة دولة القائم عليه السلام
السيد علي عاشور
من الأهداف الاستراتيجية لإمامنا المهدي عليه السلام، هي بناء أعظم وأوسع جدولة تشمل جميع القارات.
وما تقدّم من دول إلهية أو إسلامية منذ آدم وحتى عصر أمير المؤمنين عليه السلام أو ما هو موجود حالياً في الدول الإسلامية في عصر الغيبة، فكل هذه الدول كانت بمكان وزمان محددين.
فدولة النبي سليمان عليه السلام مع اتساعها وقوتها لم تشمل غير بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية وما يحيط بها.
ودولة النبي يوسف عليه السلام كذلك كانت في مصر وما يحيط بها.
ودولة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مع عظمتها واتساعها لم تشمل أكثر من قارة. وهكذا دولة أمير المؤمنين عليه السلام، فلم يصل مداها لأكثر من ذلك.
نعم ذو القرنين ملك المشرق والمغرب لكنه لم يقم العدل فيها، ومن هنا كانت حركة الإمام عليه السلام رابطاً بين كل الأنبياء عليهم السلام ومكملاً لما بدأ ومحقق لما حلموا به.
جاء في دعاء العهد: (واعمر اللهم به بلادك وأحيي به عبادك).
وجاء في (كمال الدين) بإسناده عن جابر الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً جعله الله عز وجل حجّة على عباده فدعا قومه إلى الله وأمرهم بتقواه فضربوه على قرنه فغاب عنهم زماناً، حتى قيل مات أو هلك بأيّ وادٍ سلك؟ ثم ظهر ورجع إلى قومه، فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو على سنته وإنّ الله عز وجل مكّن لذي القرنين في الأرض وجعل له من كل شيء سبباً وبلغ المغرب والمشرق وإنّ الله عز وجل سيجري سنّته في القائم من ولدي، فيبلغه شرق الأرض وغربها حتى لا يبقى منهلاً ولا موضعاً منها من سهل أو جبل وطئه ذو القرنين إلاّ وطئه، ويظهر الله عز وجل له كنوز الأرض، ومعادنها، وينصره بالرعب ويملأ الأرض به عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي من ولدي ابن أربعين سنة كأنّ وجهه كوكب درّيّ، في خده الأيمن خال أسود، عليه عباءتان قطوانيتان كأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك).
يتبيّن من خلال هذه النصوص أنّ دولة الإمام المهدي عليه السلام، والتي _ هي آخر الدول _ تشمل كلّ أرض عليها إنسان من أيّ لون أو عِرق كان، وأن العدل سيحلّ مكان الجور والظلم على جميع أرض الله تعالى.