الفهرس
لتصفح الصحيفة ب Flsh

لتحميل الصحيفة ك Pdf

الصفحة الرئيسية » العدد: ٧٣/ رجب/ ١٤٣٦هـ » شرح دعاء العهد/ الحلقة الثانية
العدد: ٧٣/ رجب/ ١٤٣٦ه

المقالات شرح دعاء العهد/ الحلقة الثانية

القسم القسم: العدد: ٧٣/ رجب/ ١٤٣٦هـ الشخص الكاتب: الشيخ حميد الوائلي التاريخ التاريخ: ٢٠١٥/٠٤/٢٢ المشاهدات المشاهدات: ٩٣٧٠ التعليقات التعليقات: ٠

شرح دعاء العهد/ الحلقة الثانية

الشيخ حميد الوائلي

الفقرة الأولى: (اَللّـهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظيمِ)
تتضمّن هذه الفقرة جملة من المعارف والحقائق نبيّنها بعد بيان الظهور الأوّل والمدلول القريب لمعناها.
بيان المعنى:
(اللهم) صيغة ندائية دعائية أصلها (يا الله) حذف منها حرف النداء وعوّض عنه بالميم المشدّدة فأصبحت (اللهمّ) وهي تستعمل في أغلب الأدعية إنْ لم نقل كلها, وذلك لاستدرار الرحمة الإلهية من قبل الدّاعين وصرف الانتباه إليهم من قبل الموكلين بإجابة دعائهم.
(الربّ) اسم الله تعالى, ويعني المالك والسيّد، فعندما نقول (اللهم ربِّ) أي يا سيّدي ومالكي ومدبّر أمري ومديره.
(النّور) هو ما يبيّن الأشياء ويكشف حقيقتها, ويستعمل في معنى السطوع, ضوءاً كان أو غير ضوء, ويطلق في مقابل الظُلمة وجمعه (أنوار).
(العظيم) جمعه (عظماء) وهو صفة مشبهة تدل على الثبوت وتستعمل في الفخم والهائل والكبير والقوي والجليل القدر.
فيكون معنى المقطع لغة:
إنّي أتوجه وأنادي داعياً سيّدي ومالكي ومدبّر أمري بحقيقته النورانية التي كشف بها عن كل عظيم وكبير وقوي وجليل القدر, ثم أعقب بعد هذا المقطع بذكر حاجتي.
وقد يقال إنّ المعنى باختصار (إنّي أدعو مالكي ومدبّر أمري مبدئ النّور وخالقه العظيم أنْ يفعل لي أو بي كذا...).
تفسيرات وظهورات لمعنى النّور:
ورد في الكثير من المصادر أنّ النّور العظيم هو مخلوق نوراني في العرش وهو أضوء الأنوار وأعظمها, وفسّره بعضهم بأنّه العقل, كما فسّره آخرون بأنّه العلم والمعرفة, فيما قال آخرون إنّ النور العظيم هو نور القرآن، ونصّ غيرهم على أنّ النور العظيم هم محمّد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعمّم آخرون أنّ النّور العظيم هو أمر معنوي يشمل هذه الحقائق كلها, وأعلى مرتبة من مراتبه هي نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم, لذلك جاء في الحديث إنّ أوّل ما خلق الله نور نبيك, مخاطباً جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه حين قال: (قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي اخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء, قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره, فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله...)
بحث قرآني حول النور:
أطلقت الكثير من الآيات الشريفة النّور على معانٍ عدّة, فأطلقته على الذّات الإلهية إذ قال تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ)، وقال تعالى: (يُريدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) فنسبت الآية النّور إلى الله وكأنّها تقول إنّ هذا النّور هو معنى آخر غير النّور الأوّل إلاّ إنّه اشتق منه وهو على ما يستفاد من بعض الآيات والروايات أنّه نور الإسلام والقرآن، بل نور الإمامة, لذلك خاطب الله الناس غير المدركين لهذا النّور بأنّهم لم يدركوا أي نور، فقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ)، وقال تعالى(أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى‏ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ).
فهؤلاء النورانيون الذين جاءهم من ربّهم ما صدّقوا به حيث قال تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى) كيف يخرجهم (قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبيناً)، فهؤلاء هم المخاطبون بقوله تعالى: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى‏ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْديهِمْ) وهم بأعينهم من سيرون إشراقة نور الله تعالى على الأرض يوم يخرجهم من الأجداث سراعاً يتنافسون فيما بينهم لاجل أنْ يحظى كل منهم بمنزلته عند ظهور الإمام وإشراق نوره على الكون, حيث قال عز من قائل: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها)، فهذه الحقيقة التي يجب أنْ يدركها الناس هي أنّ النور الإلهي الذي أُشتقّ منه نور القرآن وهداية الإسلام بأهل البيت عليهم السلام لا تُعطى إلا لمن يؤمن بحقانيتهم ويعترف بإمامتهم ليشرق في قلبه فيضاً من تلك الأنوار (أولئك الذين يسعى نورهم بين أيديهم وايمانهم) يخاطبهم المنكرون للإمامة والمتحاملون عليها انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم وارجعوا إلى من كنتم تبايعون وتتابعون وبأقوالهم تتدينون هل سيعطونكم نورا أو انها ظلمات بعضها فوق بعض, من يخرج يده بعد أنْ تكشَفت له الحقائق لم يكد يراها لما ران على قلبه من بغض أهل البيت عليهم السلام, واشرب قلبه كأس الحقد عليهم, فكان من الخاسرين.
معنى المقطع في روايات أهل البيت عليهم السلام:
إنّ هذا المقطع المقدس الذي يوجهنا باتجاه أن نترنم باسم الذات الإلهية, وما لا يقبل التوجه إلاّ به, فيتلوها باسم يحكي عن ربوبية الله العامة والشاملة, ليطلب منا أنْ نسأل بعد هاتين الحقيقتين بالنور العظيم, والله هو رب النور العظيم وهو خالق ذلك النور, فمن يا ترى هو المخاطب والمخلوق والمطلوب منه والمتوجه إليه بنداء نور الله, انّه عينه ذاك الذي نزوره ونقول: (السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفأ) ذلك النور الذي أبى الحاقدون غلاظ القلوب إلا (يريدون ليطفئوا نور الله) ويأبى الله وقدرته وقوته وحبه لهذا النور ومن يحبه إلا أنْ يتم نوره, فنور الله الذي لم يشرق بعد على الأرض ولم يخرج من غيبة أوجبتها ظلمانية قلوب الحاقدين هو ذلك الإمام المنتظر الذي نخاطبه بهذا العهد ونقول له: (يا نور الله المغيّب إن غبت عن إبصارنا فإنك مشرق ولم تنالك الغيوم في قلوبنا, اطفئ يا ولي الله ظلمانية الذنوب قبل أنْ توجب الرين في النفوس).
ان هذه المعرفة يتحدّث عنها أهلها فيقول الشيخ آية الله العظمى الوحيد الخراساني (إنّ على كل فرد منكم ان يتوجه بفكره وقلبه للإمام ويسعى لان يصل قلبه المعرفة النورانية). فهو دام ظله يريدنا ان نتوجه إلى الولي المغيّب بمعرفة خاصّة لا بمعرفة عامّة, إذ المعرفة أقسام.
أقسام المعرفة:
أوّلاً: المعرفة النورانية للإمام وهي تكون بعدّة عناصر, القرآن الكريم والروايات الشريفة, وفي مقدمتها والأهم فيها أن يصفي الإنسان قلبه ويفتح منافذه ليستقبل تلك الحقيقة الإلهية بعد ان يجعل القلب النظيف مرتعا لها وإلا فان القلب الموبوء المريض لا تدخله هذه المعرفة.
ثانياً: المعرفة العلمية: وهي معرفة نتعرّف من خلالها على الإمام عليه السلام من خلال مجموعة من الحقائق العلمية التي تقودنا بالإيمان به والإذعان بوجوده فينتهي حسب مقدماتها إلى الإقرار بهيمنته وسلطنته على الكون, وهذه معرفة خاصّة بطبقة من الناس وهم العلماء الطبيعيون الذي يشتغلون بعلوم كالفضاء والكون والفلسفة ومايمتلكها من العلوم.
ثالثا: المعرفة التاريخية: وهي معرفة نستكشف بها حقيقة الإمام والإمامة, من خلال مجموعة من النصوص التاريخية تدلنا على ذلك, وهذا لا يعني أن المعرفة منحصرة بهذه القنوات, فهناك المعرفة العقائدية والمعرفة القرآنية, والمعرفة الحديثية, وهناك معارف أُخرى قد تصل بالإنسان إلى معرفة الإمام عليه السلام.
نور أهل البيت عليهم السلام في الروايات:
تحدثت الكثير من روايات أهل البيت عليهم السلام عن أن حقيقة الامام المهدي والأئمّة من أهل البيت عليهم السلام هي حقيقة نورانية, فجاءت الأحاديث المتكاثرة لتبين أنّهم كانوا أنواراً بعرش الله محدقين وان النبي صلى الله عليه وآله وسلم نور كما أنّ أمير المؤمنين والصديقة الطاهرة والحسن والحسين وأبنائهم من المعصومين عليهم السلام كانوا أنواراً يسبحون الله ويقدسونه وإليك جملة من الأحاديث التي تدل على ذلك:
١- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (...فقلت: يا رب ومن أوصيائي؟ فنوديت: يا محمد أوصيائك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت وأنا بين يدي ربى جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثنا عشر نورا في كل نور سطر اخضر عليه اسم وصي من أوصيائي أولهم علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم مهدي أمتي عليه السلام) (عيون أخبار الرض عليه السلام_الشيخ الصدوق_ج٢ ص٢٣٨).
٢- عن واثلة بن الاسقع يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ناداني جل جلاله فقال: يا محمد، قلت: لبيك سيدي، قال عز وجل: إني ما أرسلت نبيا فانقضت أيامه إلا أقام بالأمر من بعده وصيه، فاجعل علي بن أبي طالب الامام الوصي بعدك، فإني خلقتكما من نور واحد، وخلقت الأئمة الراشدين من أنواركما، أتحب أن تراهم يا محمد؟ قلت: نعم يا رب، قال: ارفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار الأئمة بعدي اثنا عشر نور) (بحار الأنوار_العلامة الطوسي_ج٣٦ ص٣٢٢.
٣- عن قيس بن سمعان عن علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (...(معاشر الناس) آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها.
(معاشر الناس) النور من الله عز وجل فيّ ثم مسلوك في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا، لأن الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين...) (الاحتجاج للطبرسي، ج١ ص٧٨).
٤- السلام عليك يا نور الله في ظلمات الارض, حيث جاء في زيارة الامام الرض عليه السلام: (السلام عليك يا ولي الله, السلام عليك يا حجة الله, السلام عليك يا نور الله في ظلمات الأرض, السلام عليك يا عمود الدين).
٥- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (...زوّج النور من النور ، وكان الولي الله ، والخطيب جبرئيل ، والمنادي ميكائيل ، والداعي إسرافيل ، والناثر عزرائيل ، والشهود ملائكة السماوات والارضين...) (بحار الانوار-العلامة المجلسي، ج٤٣ ص١١٠).
فإن هذه الأحاديث الشريفة تبيّن أنّهم أنوار الله العظمى التي جاء الدعاء ليقول لنا: اللهم يا رب هذا النور العظيم وخالقه نتوجه إليك بما سيأتي من طلباتنا, والتي سنتعرف عليها عند شرح الفقرات الآتية من هذه الزيارة المباركة.

التقييم التقييم:
  ٣ / ٣.٠
التعليقات
لا توجد تعليقات

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *
التحقق اليدوي: *
إعادة التحميل
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم

ما ينشر في صحيفة صدى المهدي عليه السلام لا يعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة بل هي آثار الكتّاب والأدباء