القضية المهدوية عقلائية
الشيخ صادق اخوان
الفكر المهدوي فكر له جذور وأصول تاريخية منذ القدم وهناك مؤلفات كثيرة ومصادر علمية متعددة واقلام مختلفة بحثت في هذا الموضوع ولان الفكر المهدوي والقضية المهدوية تهم البشرية وتهم مستقبل الإنسانية فوجب ان نتعرض لهذا الموضوع من وجهة نظر علمية ونسلط الضوء على أبرز التحديات التي تواجه هذا الفكر.
هناك نظرة تكاد تكون سطحية الى حد ما في دراسة الفكر المهدوي، إذ أن هناك من يحاول أن يجعل المهدي خاصا بفرقة معينة أو بدين معيّن أو بفكر معيّن، مع أن فكرة الخلاص وفكرة النجاة فكرة منتشرة في أدبيات العالم منذ وقت طويل، وغني عن التعريف أنّ الأديان السماوية برمتها قد تحدثت وأسهبت في إيضاح هذا الموضوع.
إن الفكرة المهدوية والعقيدة المهدوية كأكثر العقائد الإسلامية، بل إنّ جميع العقائد التي تمتلك أصالة وجذوراً راسخة لم تنجو من التحريف والتطاول سواء كان في الجانب العلمي أو الجانب الإعلامي أو الجانب العملي والتطبيقي، ومن الأمور التي طالت الفكرة المهدوية هو موضوع تحجيم هذه العقيدة والفكرة في طائفة خاصة وهم الشيعة الاثنا عشرية، مع ان الفكرة المهدوية انبعاثها الأولي إنما هو انبعاث عقلاني كما هو شأن الإيمان بالله سبحانه وتعالى كما لم يمكن أن نخصص الإيمان بالله بمذهب أو فئة أو دين خاص.
إذن الفكرة المهدوية إذا جعلناها فكرة نابعة من أحاديث شيعية فقد حجمناها في الطائفة الشيعية، وأمّا إذا جعلناها فكرة نابعة من الأحاديث النبوية التي كادت ان تبلغ حد التواتر في كتب السنّة فضلاً عن كتب الشيعة أيضاً، فقد حصرناها في الديانة الإسلامية، ولكن إذا اعتبرنا أنّ قوامها وجذورها نابعة من أصول عقلانية وقواعد برهانية فلا يستثنى حينئذ منها أية طائفة ولا ديانة ولا اقليم وانما هي تجتاز جميع الأطر الدينية والاقليمية.
ان معظم الدراسات التي تدور حول الفكر المهدوي في الإسلام بشكل خاص تعتمد اعتمادا كبيرا على الروايات.
وان من أهم الأسئلة التي تشغل فكر الباحث الإسلامي المثقف في هذا العصر هو أن كثرة الروايات في مجال عقلاني لا يقلل من الاهمية العقلانية لذلك الموضوع وتلك المسألة، فالكل يعلم أن التوحيد مسألة عقلانية مئة بالمئة، ونحن انما آمنا بالله وعرفناه وآمنا بوحدانيته وآمنا بلزوم بعثه للرسل ثم آمنا بالرسول بعد الايمان بمعجزته.
والرسول جاء بقرآن قد ملئ بالآيات التي تقول (إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ)، (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ)، (وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا) وآيات كثيرة غيرها، ولهذا فإن العلماء يعبّرون عن هذه الأدلة بانها إرشادية يعني ترشد البشر إلى حكم العقل، والاّ فالإنسان لا يمكن له ان يؤمن بالله بسبب القرآن فقط ونحن لابد ان نبين للناس ان معتمدنا ومستمسكنا ليس هو خصوص الأخبار الواردة من الرسولN والأئمة الأطهارK في الموضوعات التي يوجد فيها استدلال عقلاني، انما نعتبر هذه الاخبار ارشادات واشارات الى ذلك الحكم العقلاني الذي ربما يكون الانسان محجوبا عنه بسبب الشهوات، بسبب العصبيات، وبسبب الانتماءات الدينية أو الطائفية.